وأكثر ثلاث وحدات شيوعًا في قياس كمية الحرارة هي السُّعر والجول والوحدة الحرارية البريطانية. والسعر الحراري هو كمية الحرارة اللازمة لرفع درجة حرارة جرام واحد من الماء 1°م. والسعر الحراري المستخدم في قياس الطاقة الحرارية الناتجة من الأطعمة، يساوي 1000 ضِعْف هذا السعر الحراري الذي عرّفناه. والوحدة الحرارية البريطانية الواحدة هي كمية الحرارة اللازمة لرفع درجة حرارة رطل واحد من الماء 1°ف. وتُستخدم غالبًا في الهندسة، بينما يُستخدم السعر الحراري في العلوم. أما الجول فيمكن أن يُستخدم في قياس كل أنواع الطاقة، بما في ذلك الحرارة. والجول الواحد هو كمية الطاقة المستهلكة ـ أو الجهد المبذول ـ عندما تحرك قوة مقدارها نيوتن واحد جسمًا مسافة متر واحد في اتجاهها. انظر: الوحدة الحرارية البريطانية؛ السعر الحراري.
الفوضى. تشكل درجة الحرارة والطاقة الداخلية جزءًا فقط من قصة الحرارة. ولكي نقص القصة كلها يلزمنا أن نعرف ما يحدث لذرّات أو جزيئات الجسم عندما تنساب إليه الحرارة.
يزداد تجول الذرّات أو الجزيئات داخل الجسم عندما تنساب إليه الحرارة. فكلما زادت كمية الحرارة المنسابة إلى الجسم صارت ذراته أو جزيئاته أكثر تجولاً وصارت بالتالي أكثر تبعثرًا واضطرابًا. فمثلاً، لجزيئات الماء الموجودة في ندفة ثلجية نمط ترتيب منتظم. ولكن، إذا أدخلت ندفة ثلجية داخل غرفة دافئة فإنها ستنصهر وتتحول إلى قطرة ماء ـ ويختفي نمط الترتيب المنتظم. ويعني ذلك أن الحرارة تغير نمط ترتيب الندفة الثلجية المنتظم إلى فوضى.
ويستعمل العلماء مصطلح العشوائية الداخلية (الإنتروبي) للتعبير عن درجة الفوضى الموجودة في الجسم. انظر: العشوائية الداخلية.
تزيد الحرارة التي تنساب إلى جسم ما، الطاقة الداخلية ودرجة الفوضى لذاك الجسم. وترفع كمية الحرارة المضافة درجة الحرارة. وفي المقابل، تُنقص كمية الحرارة التي تتسرب من الجسم طاقته الداخلية ودرجة الفوضى فيه، وتخفض عادة كمية الحرارة المفقودة درجة الحرارة كذلك.
كيف تنتقل الحرارة
تنتقل الحرارة من جسم أو من مكان لآخر بثلاث طرق: 1- التوصيل و2- الحمل و3- الإشعاع.
التوصيل ينقل الحرارة خلال جسم. فالحرارة الصادرة من موقد على سبيل المثال، تجعل الذرات الموجودة في الجزء الأسفل من المقلاة تهتز بصورة أسرع وأوسع. وتصدم هذه الذرات ذرات أخرى موجودة من فوقها. وبهذه الطريقة تنتقل الحرارة خلال المقلاة إلى الطعام الموضوع داخلها.
التوصيل. هو انتقال الحرارة خلال مادة ما. وعندما تنتقل الحرارة بالتوصيل، فإنها تتحرك داخل المادة دون أن تحمل معها أي جزء من المادة. فمثلاً، عندما يوضع أحد طرفي قضيب نحاسي في نار، فإن الطرف الآخر يسخن سريعا. وتفسير ذلك أن ذرات النحاس عند الطرف الساخن تبدأ في الاهتزاز بصورة أسرع وعلى نطاق أوسع، فتصطدم بذرات أخرى مجاورة لها. ويجعل التصادم الذرات المصدومة تهتز كذلك بصورة أسرع وأوسع وبالتالي تصطدم بذرات أخرى مجاورة لها من ناحية الطرف البارد.
وبهذه الطريقة تنتقل الحرارة من ذرة إلى أخرى حتى تصل الطرف الآخر من القضيب. ولكن لا تنتقل الذرات نفسها من طرف لآخر أثناء هذه العملية.
الحمل ينقل الحرارة عن طريق دوران التيار حول المادة المسخنة. تسخن مدفأة الحجرة، على سبيل المثال، الهواء المحيط بها. فيصعد هذا الهواء المسخن إلى أعلى ويحل محله هواء أبرد. وينتج عن تحرك الهواء تيار الحمل الذي ينقل الهواء الساخن إلى أرجاء الحجرة
الحمل. هو انتقال الحرارة بوساطة تحرك مادة مسخنة. مثلاً، تُسخِّن المدفأة الموجودة في حجرة الهواء المحيط بها بالحمل. يتمدد هذا الهواء المسخَّن، وبالتالي يصبح أخف وزنًا من طبقة الهواء الأبرد المحيطة به، ومن ثم يصعد إلى أعلى ويحل محله هواء أبرد. بعدئذ يسخن الهواء الأبرد المجاور للمدفأة ويصعد إلى أعلى وتحل محله طبقة هواء أبرد أخرى وهكذا دواليك. ويُسمى تحرك الهواء المسخَّن بعيدًا عن المنطقة الساخنة وانسياب هواء أبرد نحو تلك المنطقة تيار الحمل. وتحمل تيارات الحمل الهواء الساخن، وبالتالي الحرارة إلى كل أنحاء الحجرة.
ويتم انتقال الحرارة بالحمل في السوائل وفي الغازات معًا. على سبيل المثال، نجد تيارات الحمل في إناء به ماء بارد وموضوعة على موقد ساخن. فعندما يسخن الماء المجاور لقاع الإناء ويتمدد، يصير أخفّ وزنًا من الماء البارد الموجود بالقرب من أعلى الإناء. ويهبط هذا الماء البارد ـ الأثقل ـ إلى أسفل ويدفع الماء المسخَّن ـ الأخف ـ إلى أعلى. ويستمر تيار الحمل حتى يصل كل الماء في الإناء إلى نفس درجة الحرارة.
الإشعاع. يعتمد انتقال الحرارة في عمليتي التوصيل والحمل على حركة الجُسيمات الساخنة (في حالة التوصيل الحركة اهتزازية). ولكن في حالة الإشعاع يمكن أن تنتقـل الحـرارة خلال الفراغ الذي لا يحوي جسيمات. تولِّـد الــذرات أو الجزيئات المتحركة داخل أي جسم موجـات من الطاقـة الإشعاعية تُسمَّى هـذه الأشعة تحت الحمراء. وتشع الأجسام الساخنة كمية من الأشعة تحت الحمراء أكبر من الكمية التي تشعها الأجسام الباردة. وتنتقــل الأشعـة تحت الحمراء خلال الفضاء بطريقة مشابهة جدًا لانتقال موجات الماء على سطح بركة. فعندما تصدم الطاقة الإشعاعية جسمًا فإنها تزيد من سرعة ذراته أو جزيئاته. وتنتقل الطاقة من الشمس إلى الأرض خلال الفضاء بالإشعاع. وتُسخِّن هذه الأشعة سطح الأرض عندما تصله. انظر: الأشعة تحت الحمراء.
العزل الحراري. هو طريقة للتحكُّم في تحرك الحرارة بحبسها داخل أو خارج مكان ما. فمثلاً، تُعزل المباني السكنية حراريًا لتحبس الحرارة داخلها في فصل الشتاء وخارجها في فصل الصيف. ويستخدم الناس ثلاث طرق للعزل الحراري لأن الحرارة تنتقل بإحدى ثلاث طرق مختلفة.
وهناك مواد معينة، كالخشب والبلاستيك، عوازل جيدة ضد انتقال الحرارة بالتوصيل. ولهذا السبب تصنع مقابض العديد من أواني المطبخ الفلزية من هذه المواد. وتسخن هذه الأواني الفلزية بسرعة بالتوصيل ولكن تبقى مقابضها باردة.
ويمكن منع تحرك الحرارة بالحمل خلال الهواء بسد المجال بين منطقة حارة ومنطقة باردة بهواء ساكن. فمثلاً، تعمل طبقة الهواء الموجودة بين النافذة الخارجية والنافذة الداخلية على الشباك عازلاً للحمل.
وتمنع السطوح التي تعكس الأشعة دون الحمراء انتقال الحرارة بالإشعاع. فعلى سبيل المثال، تعكس السقوف الفلزية اللامعة أشعة الشمس، وتمنع بالتالي انتقال حرارة الشمس إلى الداخل عن طريق السقف. انظر: العزل
ماذا تعمل الحرارة
عندما تنساب الحرارة إلي داخل جسم أو تخرج منه يمكن أن تحدث تغييرات في ذلك الجسم بثلاث طرق. فالحرارة يمكن أن تسبب تغييرات في: 1- درجة الحرارة و2- أبعاد الجسم (طول، مساحة، حجم) 3- حالة المادة
تسمح وصلة التمدد للمواد المستخدمة في الكباري والمباني والمنشآت الأخرى أن تتمدد دون إتلاف المنشأة. تنفتح الوصلة في الطقس البارد، عندما تنكمش المواد، وتنقفل في الطقس الساخن عندما تتمدد المواد.
التغيّرات في درجة الحرارة. تُعتبر من أكثر الآثار المترتبة على انسياب الحرارة شيوعًا. وتسمى كمية الحرارة اللازمة لرفع درجة حرارة جرام واحد من مادة درجة مئوية واحدة السعة الحرارية النوعية لتلك المادة. ويطلق غالبًا على السعة الحرارية النوعية، اسم الحرارة النوعية. ويستعمل العلماء الحرارة النوعية للماء ـ التي تساوي واحدًا ـ كمرجع قياسي لحساب الحرارة النوعية لكل المواد.
يمكنك أن تعرف الارتفاع الذي يحدث في درجة حرارة جسم عندما تنساب إليه كمية معلومة من الحرارة إذا عرفت كتلة ذاك الجسم (مقدار ما يحتويه الجسم من مادة) والحرارة النوعية لمادته. أولاً، اضرب كتلة الجسم في الحرارة النوعية لمادته. ثم بعد ذلك اقسم كمية الحرارة التي أضيفت إلى الجسم على حاصل الضرب أعلاه. مثلاً، إذا انتقلت عشرة سعرات من الحرارة في جرام واحد من الماء، فكم درجة ترتفع درجة حرارة الماء؟ حاصل ضرب جرام واحد في حرارة نوعية مساوية 1، يعطي واحدًا. وحاصل قسمة عشرة سعرات على 1 يساوي ارتفاعًا في درجة الحرارة مقداره عشر درجات مئوية.
الحرارات النوعية لمواد مختلفة يمكن مقارنتها بتسخين عينات منها متساوية الوزن إلى درجات حرارية متساوية ثم وضعها على قطعة من الشمع، كما بالشكل العلوي، تغوص العينات ذات الحرارات النوعية العالية مسافات أطول داخل قطعة الشمع، كما بالشكل السفلي.
ويحتاج الجسمان المتساويان في الكتلة وفي درجة الحرارة والمختلفان في الحرارة النوعية إلى كميتين مختلفتين من الحرارة المضافة لترتفع درجتا حرارتيهما بذات المقدار. ترتفع درجة حرارة الجسم ذي الحرارة النوعية المنخفضة بمقدار أكبر من المقدار الذي ترتفع به درجة حرارة الجسم ذي الحرارة النوعية المرتفعة عندما يستقبل الجسمان كميتين متساويتين من الحرارة المضافة. فمثلاً، يُحْتَاج إلى عشرة سعرات من الحرارة لرفع درجة حرارة جرام واحد من الماء عشر درجات، ولكن عشرة سعرات من الحرارة ترفع درجة جرام واحد من النحاس
درجة. والنحاس له حرارة نوعية منخفضة ومساوية 0,09 بالمقارنة مع الحرارة النوعية للماء التي تساوي 1.
تغيُّرات الأبعاد. كما رأينا سابقًا، تزداد حركة ذرات أو جزيئات جسم عندما تنساب إليه حرارة. ونتيجة لزيادة حركة الذرات أو الجزيئات، فإنها تحتل حيزًا أكبر ولذا يتمدد الجسم. ويحدث العكس عندما تخرج الحرارة من الجسم، حيث تتحرك الذرات أو الجزيئات ببطء أكبر. وتحتل بالتالي، حيزًا أقل ومن ثم ينكمش الجسم.
تتمدد كل الغازات ومعظم السوائل والمواد الصلبة عندما تسخن، ولكنها لا تتمدّد بنفس المعدل. فعندما يستقبل غاز وسائل وجسم صلب كميات من الحرارة تكفي لرفع درجات حرارتها بمقادير متساوية فإن الغاز يكون هو الأكثر تمددًا والسائل يكون أقل منه بكثير في التمدد، بينما يكون الجسم الصلب هو الأقل تمددًا.
ويعمل المحرار ومنظم الحرارة (الثيرموستات) وعدة أجهزة حرارية أخرى على أساس مبدأ التمدُّد والانكماش. ويحوي كثير من المحارير سائلاً كالكحول أو الزئبق يتمدد أو ينكمش بمقادير متساوية نتيجة التغيُّرات المتساوية في درجة الحرارة. ويحْدِث الارتفاع أو الانخفاض في درجة الحرارة تمددًا أو انكماشًا طفيفًا في حجم السائل. ولكن عندما نضع السائل في أنبوب ضيق المجرى، فإن عمود السائل داخل الأنبوب يتغير تغيرًا يكفي لملاحظة التغير في درجة الحرارة.
وتؤدي تغيرات درجة الحرارة إلى تمدد وانكماش المواد المستخدمة في الجسور والمباني والمنشآت الهندسية الأخرى أيضًا. ويُمكن أن يسبب هذا التمدّد أو الانكماش مشكلات معقدة ذات عواقب وخيمة مالم يضع له المصممون اعتبارًا خاصًا؛ فأعمدة الحديد المستخدمة في مبنى ما مثلاً، ستنحني أو تنكسر ما لم يُترك لها حيز للتمدّد. ولهذا السبب، تحوي المنشآت الهندسية وصلات التمدُّد التي توفر حيزًا لتمدد أو انكماش المواد الموصلة بها عندما تتغير درجة الحرارة دون إحداث أيّ تلف.
وتمكِّن معرفةُ معامل التمدد الطولي للمادة، المهندسين من تحديد الزيادة أو النقصان في طول أي مادة عندما تتغير درجة الحرارة. ويدل معامل التمدّد الطولي على الزيادة التي تحدث في طول كل متر من المادة عندما تزيد درجة حرارة المادة درجة واحدة. فمعامل التمدّد الطولي للألومنيوم 0,00023ولذا فإن طول كل متر من قضيب الألومنيوم يزيد بمقدار 0,000023 من المتر مع زيادة درجة مئوية واحدة على درجة حرارة القضيب
الحرارة تصهر الصلب و تغلي السوائل.
تغيرات الحالة. تتغير درجة حرارة جسم عادة عندما تنساب إليه حرارة. ولكن في ظروف محدّدة، لا تسبب إضافة الحرارة تغيرًا في درجة حرارة الجسم الذي تنساب إليه. وبدلاً من ذلك يزداد تبعثر واضطراب ذرات أو جزيئات الجسم مما يسبب تحولاً في حالة مادة الجسم.
وإذا أضيفت حرارة إلى قطعة من الثلج درجة حرارتها أبرد من صفر°م، فإن درجة حرارتها ترتفع حتى تصل إلى صفر°م، وهي نقطة انصهارها. ومن ثَمّ يتوقف الارتفاع في درجة حرارة القطعة لفترة من الزمن. وبالرغم من انسياب مزيد من الحرارة للقطعة، فالحرارة المضافة، تحت هذه الظروف، تزيد من تبعثر واضطراب جزيئات قطعة الثلج وتتسبب في انصهارها. ولكن درجة حرارة الماء المتكوّن تبقى في صفر°م حتى تنصهر كل القطعة. وتسمى كمية الحرارة اللازمة لتحويل الثلج إلى ماء حرارة الانصهار. ويحتاج كل جرام من الثلج عند صفر°م إلى 80 سُعرًا من الحرارة لصهره إلى ماء درجة حرارته صفر°م.
أشكال أخرى من الطاقة.
وعندما يمتص الماء المتكون عند درجة الصفر المئوي مزيدًا من الحرارة، فإن درجة حرارته ترتفع ثانية حتى تصل إلى
°م، وهي نقطة غليان الماء. وعندئذ لا يرفع إضافة مزيد من الحرارة تحت تأثير الضغط الجوي الطبيعي درجة حرارة الماء، وبدلا من ذلك يتحول بعض الماء إلى بخار. ولا تجعل إضافة مزيد من كمية الحرارة درجة الحرارة ترتفع مرة ثالثة، إلا بعد أن يتحوّل كل الماء إلى بخار. وتُسمَّى كمية الحرارة اللازمة لتحويل الماء عند
°م إلى بخار عند نفس درجة الحرارة حرارة التبخر. ويحتاج كل جرام من الماء درجة حرارته
°م، إلى 540 سُعرًا حراريًا لتحويله إلى بخار عند نفس درجة الحرارة. وإضافة مزيد من الحرارة إلى البخار المتكوّن سيرفع درجة حرارته فوق
°م.
ويمكن أن يتحول سائل إلى بخار عند درجة حرارة أقل من درجة غليانه بوساطة التبخر. وتحدث عملية التبخر عند سطوح السوائل. فالجزيئات الموجودة على السطح تتخلص من ارتباطها بالجزيئات الموجودة تحت السطح وتفْلت من سطح السائل وتدخل في الهواء كغاز. وتعتمد سرعة حدوث التبخر على نوع السائل ودرجة حرارته وكمية بخار السائل الموجودة فوق سطحه.
وتُسمّى كمية الحرارة اللازمة لتحويل جسم صلب إلى سائل أو تحويل سائل إلى غاز الحرارة الكامنة. ويجب إبعاد هذه الكمية من الحرارة من الجسم لإرجاع الغاز إلى سائل أو السائل إلي صلب مرة أخرى؛ أي يجب إبعاد 540 سُعرًا حراريًا من كل جرام من بخار الماء عند
°م لتحويله إلى ماء. ويجب إبعاد 80 سُعرًا من كل جرام من الماء عند صفر°م لتحويله إلى ثلج. ولنقطتي غليان وتكثيف المادة نفس درجة الحرارة وكذلك الحال بالنسبة لنقطتي الانصهار والتجمُّد. وتحدد كمية الحرارة التي يكتسبها الجسم أو يفقدها حالته.
ويمكن كذلك، ربط الحرارة الكامنة بالتغيرات التي تحدث في بنية البلورات المكونة للأجسام الصلبة. وعمومًا، تحتاج هذه التغيرات إلى حرارة كامنة أقل بكثير من الحرارة الكامنة للانصهار أو التبخر.
توظيف الحرارة
تحويل الحرارة إلى حركة. توجد علاقة بين الطاقة الميكانيكية والطاقة الحرارية. فمثلاً، تتحول الطاقة الميكانيكية إلى حرارة بوساطة الاحتكاك بين الأجزاء المتحركة لأي آلة. ويمكن، في المقابل، تحويل الطاقة الحرارية إلى طاقة ميكانيكية في المحركات الحرارية.
ويمكن تقسيم المحركات الحرارية إلى مجموعتين: 1- محركات الاحتراق الخارجي و2-محركات الاحتراق الداخلي. وتُنْتَج الحرارة اللازمة لتشغيل محركات الاحتراق الخارجي خارج هذه المحركات. وتتضمن هذه المحركات التوربينات (العنفات) الغازية والبخارية والمحركات البخارية الترددية. أما محركات الاحتراق الداخلي، فإنها تنتج حرارة تشغيلها من الوقود المحترق بداخلها. وتتضمن هذه المحركات محركات الديزل والمحركات التي تُدار بالبنزين ومحركات الطائرة النفاثة ومحركات الصواريخ.
ويمثل التوربين البخاري مثالاً جيدًا لمحركات الاحتراق الخارجي. هنا، تحوِّل الحرارة الصادرة من وقود محترق أو مفاعل نووي الماء في الغلاية إلى بخار. وينقل البخار خلال أنابيب إلى التوربين الذي يحتوي على سلسلة من عجلات ذات زعانف معدنية مثبتة بعمود. ويتمدّد البخار ذو درجة الحرارة المرتفعة عندما يندفع خلال التوربين وبالتالي يدفع الزعانف ويجعلها تدور هي والعمود. وتكون درجة حرارة البخار الخارج من التوربين أقل بكثير من درجة حرارة البخار الداخل. ويمكن للعمود الدوّار في هذا المحرك، أن يدير مولدًا كهربائيًا أو يحرك المروحة التي تدفع سفينة أو أن يعمل عملاً آخر مفيدًا.
ويعد محرك سيارة يدار بالبنزين مثالاً جيدًا لمحركات الاحتراق الداخلي. يولد احتراق الوقود (البنزين هنا) في الأسطوانات غازات ساخنة. وتتمدد هذه الغازات وتدفع المكابس إلى أسفل داخل الأسطوانات. ثم تحرك حركة المكابس أجزاء أخرى من السيارة تعمل على دوران العجلات
التبريد. يمكن خفض درجة حرارة جسم بملامسته لجسم آخر أبرد منه. ويجعل الفرق في درجات الحرارة بين الجسمين الحرارة تنساب من الجسم الأسخن إلى الأبرد. فمثلاً، يحفظ الثلج الموضوع في صندوق معزول الطعام باردًا بإبعاد الحرارة منه. وهناك طريقة أخرى لإبعاد الحرارة من جسم من دون أن يلامس جسمًا آخر أبرد منه وهي طريقة التبريد الميكانيكي.
ويعمل التبريد الميكانيكي بتغيير مادة تُسمّى المبرِّد من الحالة الغازية إلى حالة السيولة ثم إلى الحالة الغازية مرة أخرى. ففي الثلاجة مثلاً، تعصر المضغطة مبردًا غازيًا إلى حجم صغير. ويقلل الضغط تبعثر واضطراب المبرد بقدر كبير بحيث يتحول إلى سائل. بعد ذلك، يتمدد المبرد السائل المضغوط عند صمام يؤدي إلى أنابيب موجودة في الجزء المعزول من الثلاجة. وعندما ينخفض الضغط بسبب التمدّد تنخفض درجة الحرارة كذلك، وبالتالي يمتص المبرد حرارة من الطعام الموجود في الثلاجة. وتنخفض درجة حرارة الطعام متى ما ظلت الحرارة تنساب خارجة منه. ويتحول المبرد المسخن بامتصاصه للحرارة إلى غاز ومن ثَمّ ينساب خلال أنابيب أخرى راجعًا إلي المضغطة، ومن ثَمّ تبدأ دورة التبريد مرة أخرى.
نظريًا، أبرد درجة حرارة يمكن أن يصل إليها جسم هي الصفر المطلق، وهو يساوي -273,15°م.وتقع دراسة كيفية الوصول إلى درجات حرارة مقاربة للصفر المطلق ضمن مجال فيزياء الحرارة المنخفضة. انظر: التقريس، علم.
التعرف على الحرارة
نظرية السائل السعري. كان معظم الفيزيائيين حتى أواخر القرن الثامن عشر الميلادي يعتقدون أن الحرارة مائع غير مرئي يُسمّى السائل السعري. واعتقدوا أن الأجسام تسخن عندما ينساب السائل السُّعري إليها وتصير باردة عندما ينساب خارجًا منها. ولأن الأجسام لها الوزن نفسه سواء أكانت ساخنة أم باردة، فقد استنتج الفيزيائيون أن السائل السعري ليس له وزن، وبالتالي لا يمكن أن يكون مادة.
وأثارت بحوث شخصين في حوالي أواخر القرن الثامن عشر الميلادي أسئلة عن الحرارة عجزت نظرية السائل السعري عن الإجابة عليها؛ ففي عام 1798م شاهد الفيزيائي الأمريكي المولد بنيامين تومسون، الذي يعرف أيضًا بلقب كونت رومفورد، عملية صناعة المدافع بميونيخ في ألمانيا. لاحظ هذا الفيزيائي أن المثقابات التي تستخدم في ثقب المدافع، تنتج حرارة بالاحتكاك حتى بعد أن تصير كليلة ولم تعد تقطع أيّ جزء من الفلز. ولا تستطيع نظرية السائل السعري تفسير انبعاث الحرارة إلا إذا كان المثقاب يقطع بالفعل فلزًا. ومع ذلك، تنتج كمية من الحرارة غير محدودة متى ما أدير مثقاب ليدور على فلز حتى لو لم يقطعه المثقاب.
وفي عام 1799م، صهر الكيميائي البريطاني السّير همفري ديفي، قطعتين من الثلج بدلكهما معًا داخل إناء عند درجة حرارة تحت نقطة تجمد الماء. وعجزت نظرية السائل السعري مرة أخرى عن تفسير عملية إنتاج الحرارة. وأثارت ملاحظات تومسون وديفي شكوكًا حول نظرية السائل السعري. ولكن لم يقترح أحد تفسيرًا آخر للحرارة.
الحرارة والطاقة. بُرْهِنَتْ فكرة أن الحرارة شكل من أشكال الطاقة في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي. ولقد طوّر البرهان إلى حد كبير ثلاثة أشخاص هم جوليوس روبرت فون ماير، وهو طبيب وفيزيائي ألماني، وهيرمان فون هيلمولتز، وهو فيزيائي ألماني، وجيمس جول، وهو فيزيائي بريطاني.
لاحظ ماير أن الناس في المناخات الباردة والمناخات الساخنة يحتاجون كميات مختلفة من طاقة الطعام للحفاظ على درجة حرارة أجسامهم عند الدرجة الطبيعية المعتادة. ونشر أبحاثه في عام 1842م، ولكنها لم تحظ بتطوير علمي لعدد كبير من السنين. وفي عام 1847م، نشر هيلمهولتز بحثًا عن الحرارة والطاقة، وأورد في بحثه هذا أن الحرارة شكل من أشكال الطاقة، وحظيت فكرته هذه بقبول سريع.
خلال الأربعينيات من القرن التاسع عشر الميلادي، قاس جول كمية الطاقة الميكانيكية اللازمة لرفع درجة حرارة كمية معينة من الماء بدرجات حرارة معينة. وسُمِّيت العلاقة بين الطاقة الميكانيكية والطاقة الحرارية المكافئ الميكانيكي للحرارة.
ودلت تجارب جول المبكرة على أن 4,507 جول من الطاقة الميكانيكية تنتج سُعرًا حراريًا واحدًا. وقام الفيزيائيون في وقت متأخر بعد ذلك بقياسات أكثر دقة للمكافئ الميكانيكي للحرارة، فوجدوه يساوي 4,182 جول لكل سُعر حراري. ويرجع مُسمَّى الجول إلى الفيزيائي البريطاني جيمس بريسكوت جول.
الدينامكية الحرارية. هي علم دراسة العلاقة بين الحرارة وأشكال الطاقة الأخرى. وهي مبنية على ثلاثة قوانين.
والقانون الأول للدينامية الحرارية هو قانون بقاء الطاقة. ويقرر هذا القانون أن الطاقة تحتفظ بمقدارها، لا تنقص ولا تزيد خلال العمليات الطبيعية. ويمكن أن تغير الطاقة شكلها مثلاً، من طاقة داخلية إلى طاقة حركية ميكانيكية ولكن تبقى الطاقة الكلية لأي منظومة مقدارًا ثابتًا.
ووفقًا للقانون الثاني تعمل كل الأحداث التلقائية (الطبيعية) لزيادة الإنتروبي (أي درجة الفوضى) داخل المنظومة. يمكن أن تبذل منظومة شغلاً مفيدًا مستمرًا حتى تصل إلى أقصى إنتروبي أو فوضى ممكنة لها. ولكن عندما تبذل منظومة شغلاً فإن الإنتروبي تزداد إلى أن تصبح المنظومة عاجزة عن بذل أي شغل بعد ذلك.
ويتعلق القانون الثالث للدينامية الحرارية بالصفر المطلق. ويقرر هذا القانون أنه لايمكن خفض درجة حرارة أي منظومة إلى الصفر المطلق.
أسئلة
1. ماذا كانت تعني نظرية السائل السُّعري؟
2. لماذا يكون للجسور والمباني وصلات تمدد؟
3. ما الطرق الثلاث لانتقال الحرارة؟
4. ما أهم مصادرنا للحرارة؟
5. ما الحرارة النوعية؟
6. ما الفرق الأساسي بين درجة الحرارة وكمية الحرارة؟
7. كيف يوقف العزل انتقال الحرارة بالحمل؟
8. ماذا تفعل المحركات الحرارية؟
9. بأيّ طرق يُحدث اكتساب أو فقدان كمية من الحرارة تغييرًا في المادة؟