هو سلطان الشام ومصر في زمانه، واسـمه محمود بن عماد الدين زنكي بن آق سنقر، كنيته أبو القاسم، ومن ألقابه: الملك العادل السلطان نور الدين والشهيد [لقبوه بالشهيد لموته بالخوانيق مبطونا]. ولد في حلب في بداية القرن السادس الهجري، لعله في عام 506 هـ أو 511 هـ.
ثانيا: ولايته حلب ثم دمشق.
- كان أبوه ملكا على الموصل وحلب, فلما اغتيل أبوه في قلعة جعبر سنة 549 هـ ملك السلطان نور الدين مدينة حلب. وفي عام 549هـ استولى على دمشق من آخر ملوك بني بوري في الشام.
ثالثا: جهاده ضد الصليبيين:
- بدأ رحلته في الجهاد ضد الصليبيين شابا يافعا في صفوف جيش والده عماد الدين زنكي، وبعد استيلائه على دمشق عاد فتفرغ لمواجهة جحافل الغزو الصليبي، فاستولى على عدة قلاع وحصون كانت بأيديهم, ودخل في ملكه حماة وحمص وبعلبك وحران وبانياس وصافيتا ثم الموصل بعد وفاة أخيه سيف الدين غازي. قامت بينه وبين الصليبيين وقائع, كانت له الغلبة عليهم في أكثرها.
رابعا: دخول مصر في ولايته.
- كانت مصر آنذاك تحت حكم الفاطميين، وفي عام 559هـ قدم بعض وزراء "العاضد الفاطمي" من مصر إلى الشام مستجيرا بالسلطان نور الدين، فسيَّر السلطان نور الدين جيشا بقيادة مقدم عسكره وأكبر أمراء دولته أسد الدين شيركوه الذي اصطحب معه ابن أخيه "صلاح الدين الأيوبي", ثم بعد وفاة العاضد -ءاخر الفاطميين- تولى صلاح الدين ملك مصر سنة 564هـ وخطب في مساجدها للسلطان نور الدين وللخلافة العباسية من ورائه.
خامسا: وفاته رحمة الله عليه.
- وفي عام 564 هـ توفي السلطان نور الدين عن 58 عاما ودفن بقلعة دمشق ونقل بعدها إلى المدرسة النورية التي كان بناها بدمشق.
سادسا: مآثر سيرته في الملك.
كان السلطان نور الدين أعدل ملوك زمانه وأجلهم وأفضلهم. مداوما للجهاد, كان يتمنى الشهادة, وأدركها على فراشه فقضى بالخوانيق مبطونا فلذلك دعاه المسلمون بالشهيد. بنى الربط والبيمارستانات ووقف وقوفا على المرضى, وبنى الجسور والطرق والخانات ووقف كتبا كثيرة على طلبة العلم, ونازل الصليبيين في مواقع كثيرة و**رهم واستولى على أكثر من خمسين موقعا من حصون وقلاع كانت بأيديهم, وكان زاهدا, عابدا, عالما بالفقه على مذهب الإمام أبي حنيفة. أسقط ما كان يؤخذ من الناس من المكوس, وهو أول من بنى دارا للحديث, وبنى الجامع النوري بالموصل, وقام بالأعمال الخيرية من عدل وإحسان مما جعل المؤرخين يضعونه في مرتبة عالية، للشعراء فيه مدائح كثيرة منها قول الشاعر القيسراني:
ذو الجهادينِ من عدوٍّ ونفسٍ .. فهوَ طولَ الحياةِ في هيجاءِ
أيها المالكُ الذي ألزمَ الناسَ .. سلوكَ المـحجةِ البيضاءِ
قد فضحتَ الملوكَ بـالعدلِ لما .. سرتَ في الناسِ سيرةَ الخلفاءِ